الفوضى الأمنية مستمرة في سوريا.. وتعداد الضحايا في تصاعد

رغم مرور قرابة خمسة أشهر على سقوط النظام السوري السابق وتسلُّم الحكومة الانتقالية مقاليد الحكم، لا تزال البلاد غارقة في فوضى أمنية قاتمة، تطغى على مشهدها اليومي عمليات قتل وتصفية وانتقام، غالباً ما تُسجَّل ضد مجهولين.

من الشمال إلى الجنوب، تتكرر الجرائم التي يغلب عليها الطابَع الطائفي أو النزعة الانتقامية، في وقتٍ تبدو فيه أجهزة أمن الحكومة الانتقالية عاجزة عن بسطِ سيطرتها أو ملاحقةِ الفاعلين. ومع كل يومٍ يمضي، يتزايد قلق السوريين من أنّ ما أُسقِط ليس النظامَ فقط، بل مفهومَ الدولة وهيبتَها أيضاً.

ففي مدينة حلب، وتحديداً في حي الأنصاري، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل عنصرٍ سابق في الحرس الجمهوري، كان قد خضع لتسوية بعد انهيار النظام، وذلك برصاص مسلحين مجهولين. حالة ليستْ فريدةً، بل تأتي ضمن سلسلةِ اغتيالاتٍ أصبحتْ مألوفة في المشهد السوري الجديد.

وفي حصيلةٍ صادمة أصدرها المرصد، قتل تسعة وعشرون شخصاً خلال ثمانٍ وأربعين ساعة فقط، في أحداث أمنية متفرّقة. ففي السابع من أيار/مايو، سقط سبعَ عشرةَ ضحية بينهم طفل، في هجماتٍ نفذها مجهولون، تلاها في اليوم التالي مقتلُ اثني عشرَ شخصاً، بينهم ثلاثة أطفال، بسبب انفجار أجسامٍ من مخلفات الحرب.

هذه الأرقامُ تمثّلُ جزءاً من مشهدٍ أكبرَ وأكثرَ إيلاماً. فمنذ بداية العام الجاري، قتل أكثر من ستِّمئةِ شخصٍ في عمليات تصفيةٍ وانتقام، بعضُهم من النساء والأطفال، إضافة إلى عشراتٍ آخرين قَضَوْا في جرائمَ جنائية لا تزال هُوِيَّة ضحاياها ومرتكبيها مجهولة.

وبينما يعيش السوريون تحت وطأةِ الخوفِ والتوتر، تتزايد الدّعَواتُ لقيام الحكومة الانتقالية بدورها، عَبْرَ تفعيلِ الأجهزة الأمنية والقضائية، وإعادةِ فرضِ القانونِ بما يضمن المساءلة والعدالة. فاستمرارُ هذا الانفلات، لا يهددُ فقط أمنَ المواطنين، بل ينسِفُ أسسَ الدولةِ المنشودةِ بعد الثورة.