العرب اللندنية: صفرية الولاية

صفرية الولاية

الكاتب: عبد الله الجنيد

يبقى احتواء إيران المعضلة الأكبر بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فقد أنتج فشل الدولة الوطنية القوية نظاماً ثيوقراطياً أُعتمد معه مبدأي العزل والمهادنة السياسية. إلا أن كليهما فشل في تحقيق أهداف الاحتواء المرجوة، لذلك أسرف الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في مهادنة قُم من خلال طهران بإعطائها المزيد من الامتيازات السياسية في الشرق الأوسط ووسط آسيا وجنوبها. فكانت الولايات المتحدة الخاسر الأكبر نتيجة ذلك، ليس نتيجة التوسع الإيراني بل نتيجة الولوج الصيني الروسي لمناطق نفوذ تقليدية للولايات المتحدة من وراء الستار الإيراني في الشرقين الأدنى والأوسط.
تجد إيران نفسها الآن في مواجهة سياسة العصا والجزرة الأميركية ولأول مرة بشكل حقيقي، وليس أدل على ذلك من تصريح وزير الخارجية مايك بومبيو الثلاثاء الفائت من بغداد، حين قال “نحن هنا لدعم استقلال العراق وسيادته الوطنية” بعد إلغائه زيارة مجدولة إلى ألمانيا. حجم التحفز السياسي نتيجة قرب دخول تصفير صادرات إيران النفطية حيز التنفيذ، تعد العصا الأغلظ في تاريخ العلاقات بين واشنطن وطهران، لذلك لم يكن بمستغرب أن تُقْدِم إيران على توظيف أهم أدواتها السياسية في المنطقة، والمتمثلة في أذرعها السياسية في الشرق الأوسط.
تعي القيادة الإيرانية أنها لن تحتمل تبعات مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة، ولكن في حال قررت استهداف دول مثل المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة بشكل مباشر أو من خلال وكلاء لها، فإن الولايات المتحدة لن تستطيع كبح إرادة الردع عند أيٍ منهما، يمتلك كلاهما الأدوات اللازمة لاستباحة الأجواء الإيرانية وإلى أي عمق يشاء.
كذلك هو الحال إذا قررت إيران استهداف إسرائيل، وقد يكون في شبه المؤكد نشر إسرائيل لأكثر من غواصة من فئة دولفن في مياه قريبة من إيران في بحر العرب أو خليج عُمان.
قد تدفع الولايات المتحدة وإيران بالموقف إلى نقطة اللاعودة في حال حدث أي تصعيد عسكري، إلا أن نشوب مواجهة عسكرية مع أي من الأطراف سالفة الذكر سوف يدفع لتفجّر الوضع الإيراني داخليا. ذلك ما تخشاه القيادة السياسية في قُم وطهران. إيران تعيش حالة انكشاف سياسي واجتماعي هي الأخطر على نظامها منذ 1979.

قد يعجبك ايضا