العرب اللندنية: أردوغان يعيد تركيا إلى بدايتها

أردوغان يعيد تركيا إلى بدايتها

الكاتب دايفيد ليبسكا

انتاب المحللين قلق لسنوات من أن يعمل أردوغان على أسلمة تركيا ويبتعد عن النموذج العلماني الذي أرساه أتاتورك، والمشكلة هي أن أردوغان يعيد البلاد إلى دكتاتورية الحزب الواحد

في التاسع عشر من شهر مايو في عام 1919، وصل جنرال عثماني ماكر يدعى مصطفى كمال على متن باخرة إلى سامسون، المطلة على ساحل البحر الأسود. وقبل ذلك بأيام قليلة، في القسطنطينية، كان كمال قد أقنع المسؤولين البريطانيين المحتلين بعمله كمفتش عام بمحض اختياره، وأنه سيقدم تقارير عن حالة القوات العثمانية عبر الأناضول في أعقاب الحرب العالمية الأولى.
ولكن لدى وصوله إلى سامسون لم يفعل أي شيء من هذا القبيل. وبدلاً من ذلك، ذهب إلى الوحدات العثمانية عبر الأناضول، وحذرها من عمليات الإنزال الإيطالية واليونانية على ساحل البحر المتوسط، ودعاها إلى الانضمام إليه في محاربة قوات الحلفاء، فيما أصبحت بعد ذلك حرب الاستقلال التركية.
ثمة الكثير من القواسم المشتركة بين أتاتورك وأردوغان. فكلاهما يعتمد على القومية الشعبوية لحشد الدعم، وكلاهما أثبت استعداده لتقويض حقوق الأقليات، وكلاهما سيطر على وسائل الإعلام، وكلاهما واجه مشاكل خطيرة في الثقة فيما يتعلق بالانتخابات.
فالقرار الذي صدر في وقت سابق هذا الشهر بإلغاء انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول التي أجريت في الحادي والثلاثين من مارس، تحت ضغط من أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم، بدا بشكل مثير للريبة وكأنه خطوة صوب دولة الحزب الواحد.
حين تولى أردوغان منصب رئيس الوزراء للمرة الأولى عام 2003، تعهد باحترام المؤسسات الديمقراطية في تركيا. وبعد مرور عشر سنوات، أعلن أن “مسار الديمقراطية يمر عبر صندوق الاقتراع… وصندوق الاقتراع نفسه هو إرادة الشعب”. بيد أن تلك الأيام قد ولّت منذ فترة طويلة. فقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأسبوع الماضي أن تركيا تحولت إلى “دكتاتورية تتسم بفرق الاغتيال والخوف”.
بعد مرور قرن على أحداث سامسون، التي لم يتبق سوى أربع سنوات على ذكراها المئوية، تكاد تركيا الآن تكون دولة ديمقراطية بشق الأنفس.
انتاب المحللين قلق لسنوات من أن يعمل أردوغان على أسلمة تركيا، ويبتعد عن النموذج العلماني الذي أرساه أتاتورك. والمشكلة هي أن أردوغان يعيد البلاد تدريجيا، إلى أصولها في دكتاتورية الحزب الواحد.
ماذا خطط أردوغان للتمسك بإسطنبول؟ أيا كان ما يخطط له، من المستبعد أن يكون جيدا للديمقراطية التركية

قد يعجبك ايضا