العرب اللندنية أردوغان والمقايضة بالدم السوري
أردوغان والمقايضة بالدم السوري
الكاتب: عديد نصار
كلام أردوغان، الذي توجه به إلى الأوروبيين خصوصا، في استمرار لعملية الابتزاز التي دأب عليها حيالهم في موضوع أزمة اللاجئين، لم تكن له أي دلائل عملية حقيقية على الأرض السورية. فقذائف الطائرات الروسية وبراميل طائرات النظام جنبا إلى جنب مع القصف المدفعي والصاروخي استمرت بالانهمار على قرى وبلدات ريفي إدلب الجنوبي الشرقي والجنوبي الغربي، وكذلك على ريف اللاذقية الشرقي وقرى وبلدات جبل الزاوية وسراقب وكفرنبل، لتضيف إلى قوائم الضحايا والمصابين والنازحين الذين لا يجدون مكانا يأوون إليه سوى بساتين الزيتون.
لقد اعتدنا على سياسة أردوغان القائمة على المقايضة بالدم السوري منذ بداية الثورة السورية في عام 2011. حينها حاول التفاهم مع نظام الأسد الذي كانت تربطه معه اتفاقيات استراتيجية على صعد الاقتصاد والتجارة والتنسيق الأمني، وذلك خوفا على المكاسب الكبرى التي تحققها له تلك الاتفاقيات.
يمكن ملاحظة النفس الطويل الذي اتبعه أردوغان في سياسته السورية خصوصا بعد إسقاط قواته للطائرة الروسية فوق الحدود التركية – السورية، حيث لمس بوضوح أن الوجود الروسي في سوريا ليس مؤقتا ولكنه يتمتع بقوة التوافق مع الولايات المتحدة.
لذلك رأيناه يذهب بنفسه إلى سان بطرسبورغ لملاقاة الرئيس الروسي بعد أن اعتذر له عن إسقاط الطائرة الروسية.
ومنذ ذلك التاريخ برزت بوضوح سياسة المقايضة التي انتهجها أردوغان في سوريا، فقد ترافق سقوط مدينة حلب مع توغل الجيش التركي في الشمال السوري ودخوله مدينة جرابلس في إطار عملية ما سمي بدرع الفرات، وكانت عملية غصن الزيتون واجتياح عفرين مع سيطرة النظام على الغوطة وريف حمص الشمالي، واليوم تحاول قوات النظام بدعم الطيران الحربي الروسي قضم المنطقة منزوعة السلاح المشار إليها في اتفاق سوتشي، في حين تحاول تركيا، الضامنة الصامتة عما يدور في إدلب، قضم منطقة تل رفعت.
في الليالي الماضية لم ينم السوريون في إدلب لينهضوا إلى سحورهم كما باقي الناس، وقد وصلنا من أصدقاء مقيمين في سراقب خبر عن مجزرة ارتكبها الطيران الروسي في إحدى القرى المجاورة. والضامن التركي ينام قرير العين، ففي الأفق الكثير من المقايضات على ما يبدو.