العربي الجديد: أي لحظة تاريخية في انعقاد اللجنة الدستورية السورية؟

يبدو أن الحماسة أخذت مفعولها لدى المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، غير بيدرسون، منذ أول اجتماع للجنة الدستورية، فراح يصف مجرد انعقادها باللحظة التاريخية، وأنها “أهم قضايا المجتمع السوري، بشكل فعلي”، على الرغم من أن الأمر لم يتعدّ سوى اجتماع في جلسة بروتوكولية، ضم أعضاء اللجنة المائة والخمسين في قاعة واحدة، بحضوره.
وإن كانت اللحظة تاريخية بالنسبة إلى بيدرسون نفسه، إرضاء لشخصه وتشجيعاً له، بوصفه مبعوثاً أممياً خاصاً إلى سورية، فإنها ليست كذلك بالنسبة إلى الشعب السوري، ولا تشكل أهم قضاياه، كونها لم تأت بجديد، يمكنه أن يشكل بدايةً لحلّ يوقف الكارثة التي ألمت به، نتيجة الحرب التي يخوضها نظام الأسد وحلفاؤه الروس والإيرانيون ضده، منذ أكثر من ثماني سنوات.
ولم يتمكّن بيدرسون نفسه من تحقيق أي اختراق، مثل وقف هجمات النظام والروس على مناطق المعارضة في إدلب، أو إطلاق سراح المعتقلين لدى نظام الأسد.
وهي خطواتٌ تدخل ضمن “إجراءات بناء الثقة” التي طالب بها قبيل انعقاد اللجنة، ولم يتحقق أي منها، وبالتالي ما هي اللحظة التاريخية التي تحدّث عنها بيدرسون؟ هل هي في مجرد اجتماع وفدي المعارضة والنظام في قاعة واحدة؟
يبدو أن بيدرسون قد أخذته الحالة، كما يقال، حين توسّط رئيسي قائمتي النظام والمعارضة، كي يصفها باللحظة التاريخية، كونه يجلس لأول مرة، يجلس 50 شخصاً يمثلون النظام و50 آخرون من المعارضة في إحدى قاعات الأمم المتحدة في جنيف، من أجل القيام بإنجاز “مهمة كبيرة”، تتجسّد في وضع “ترتيبات دستورية جديدة لسورية، وهو ما يفتح المجال لفرصة جديدة لسورية”.
وكأن القضية السورية دستورية، وليست سياسية، تستلزم تغيير النظام السياسي الذي خرج غالبية السوريين من أجل إسقاطه.
بينما تشير حقيقة الأمور إلى أن خيار اللعبة الدستورية يفضي إلى التخلي تماماً عن أساس قرار مجلس الأمن 2254 وبيان جنيف 1 وسواهما من القرارات الأممية بشأن الانتقال السياسي في سورية، لأن الإقرار بأن القضية السورية مشكلة دستورية يعني إدارة الظهر لعملية التغيير السياسي فيها.