العالم العربي…تفاقم ظاهرة هجرة الشباب جراء الإقصاء والتهميش وغياب الديمقراطية
الشباب في أي مكان هم أدوات التغيير وعماده، والركيزة التي تنهض بها المجتمعات وتقوم عليها الحضارات، وعلى عاتقهم تقع مسؤولية بناء الأوطان وحمايتها والارتقاء بها إلى مقدمة الدول الرائدة، إذا ما ترك لهم المجال لتأدية أدوارهم ومنحوا الفرصة لترجمة إمكاناتهم واستثمار طاقاتهم.
لكن هذا الكلام يبدو ضرباً من المستحيل في الكثير من دول الشرق الأوسط وأفريقيا، وخاصة الدول العربية، حيث الإقصاء والتهميش للفئات الشابة وغياب الديمقراطية، والتي انعكست على دور الشباب وواقعهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
القوة الديناميكية التي يمثلها الشباب في الدول العربية، عانت وما تزال وبشكل تصاعدي، من نزيف مستمر عبر الهجرة إلى الخارج، وخاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية، بسبب طبيعة منظومات السلطة العربية، التي يقوم معظمها على التسلط والاستبداد والحكم الشمولي، واعتماد التوريث المباشر وغير المباشر لاستمرار هيمنتها.
ومع تزايد النزاعات المسلحة والحروب، كالأزمة في سوريا والاحتلال التركي لمساحات واسعة من أراضيها وتهجير سكانها ومعظمهم من الشباب، سقط هؤلاء بين براثن ضياع اجتماعي وترد اقتصادي ومعيشي وإقصاء حال دون تأهيلهم سياسياً لأخذ دورهم الفعلي في إحداث التحول الحقيقي، جراء سطوة التصنيف الحزبي.
تفاقم ظاهرة هجرة الشباب من الدول العربية إلى أمريكا والدول الأوروبية، التي تظهر الدراسات ارتفاع معدلات البطالة فيها ونقمة سكانها وخاصة الشباب من الأوضاع الاقتصادية والتحديات المستقبلية التي تواجههم فيها، تبرز حجم الكارثة التي يعانيها الشباب في بلدانهم، وتجاهل أنظمة السلطة فيها كل متطلباتهم وإمكاناتهم، وآمالهم وتطلعاتهم.
وللحؤول دون تصدع البنية الاجتماعية في الدول العربية بفقدان فئتها الشابة وتحولها لمجتمعات تعاني الشيخوخة والعجز وغياب الطاقة الديناميكية لدفع نهضتها وبناء حضارتها، يناشد مراقبون السلطات الحاكمة في هذه الدول، الالتفات للشباب وتفعيل دورهم، والعمل على تنمية وصقل قدراتهم ومواهبهم، وتذليل العقبات التي تعترض استقرارهم في بلدانهم، بدءاً بإنهاء الاحتلال التركي كما في سوريا مثلاً، وإيجاد حلول جذرية للنزاعات المسلحة والأزمات السياسية، وإطلاق الحريات العامة استناداً على أسس ديمقراطية.
إعداد وتحرير
ضياء التمر