الشرع “رئيساً” لسوريا.. بين شرعية الثورة وشريعة الانقلاب (خاص)

بعد زيارته إلى السعودية تكثر التوقعات بأن وجهة الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع في زيارته الخارجية الثانية ستكون تركيا، وكلا البلدين ذي الثقلين الإقليمي والديني يسعيان لجذب سوريا الجديدة تحت مظلته الخاصة.

الشرع ومنذ سيطرة هيئة تحرير الشام على الحكم في دمشق في الثامن من كانون الأول ديسمبر تصرف وكأنه رئيس سوريا، وما كان تعيينه من قبل فصائل مسلحة موالية له فيما سُمي بـ “مؤتمر انتصار الثورة السورية” إلا تحصيل حاصل وإجراءً شكلياً لا يغير من قتامة المشهد الذي تعيشه سوريا منذ سنوات، وفق مراقبين.

التعيين الذي خالف كل التصريحات التي أدلى بها مسؤولو هيئة تحرير الشام والشرع نفسه، والتي أكدت أكثر من مرة على تشاركية السلطة في سوريا، والأخذ بكافة الآراء والتوجهات بعين الاعتبار، رسم إشارات استفهام كثيرة، إذ أن المؤتمر بقراراته أزاح الأقنعة عن الوجوه، وأظهر كل شيء على حقيقته.

محللون ذهبوا إلى أن وصول هيئة تحرير الشام إلى الحكم وجملة القرارات المتخذة منذ ذلك الحين وإلى حين كتابة هذه السطور تشي بأنها ساعية للتفرد بالسلطة، وتوزيع المناصب على من يشاطرها ذات الأفكار والأيدولوجيا، متجاهلة مطالب الثوار الأولى، بمدنية الدولة، وتمكين التعدد السياسي فيها، إلى جانب احترام حقوق المرأة.

مراقبون للشأن السوري أكدوا أن زيارة أمير قطر تميم بن حمد إلى دمشق، وزيارة الشرع إلى السعودية ولقاءه هناك ولي العهد محمد بن سلمان، ولقاءه المتوقع مع رئيس النظام التركي رجب أردوغان خلال وقت قصير، ما هي إلا بسعي من الشرع لأخذ ما يمكن تسميته المباركة من دول ذات تأثير على الملف السوري خلال سنوات الحرب، ولأخذ الشرعية الدولية من خلالها، ناسياً أو متناسياً الشرعية المحلية، التي هي أساس الحكم في أي بلد، وفي أي زمان.

الشرع ومن والاه من الفصائل المسلحة ادعوا أنهم وصلوا إلى دمشق بفضل “الثورة”، وعدوا سيطرتهم على الحكم انتصاراً للثورة، بينما شرعية الثورة المستمدة من الشرعية المحلية، تلزم الشرع بعدم التفرد بالسلطة، لأن أي قرار يناقض المبادئ التي خرج من أجلها السوريون قبل 14 عاماً، يصبح قراراً مستنداً إلى منطق القوة لا منطق الثورة.

ويرى مراقبون أن وصول الشرع بهذه الطريقة إلى سدة الحكم في سوريا، يشبه إلى حد كبير ما يحصل عقب الانقلابات العسكرية التي خبرها السوريون في منتصف القرن الماضي، وما بين شرعية الثورة وشريعة الانقلاب بون شاسع، يعرفه القاصي والداني، ولا يمكن للتصريحات والشعارات أن تحلي مرارة الواقع، أو أن تجعله وردياً على عكس ما هو جلي للعيان