مع سقوط النظام السوري في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ظن السوريون أن صفحة الحروب والاقتتال قد طويت إلى ما لا نهاية، إلا أن تركيا وفصائلها الإرهابية، كان لهم رأي آخر.
الفصائل الإرهابية وبدعمٍ تركي واضح، شنت هجوماً على ريف حلب الشمالي لتسيطر على مدينة تل رفعت ومنطقة الشهباء، وأجبرت السكان هناك على النزوح، في وقتٍ كان فيه الآلاف من السوريين يعودون إلى منازلهم، مع انهيار قوات النظام السوري السابق في عدة مدنٍ على الخارطة السورية.
ومع زيادة الدعم التركي سيطرت الفصائل الإرهابية على مدينة منبج بريف حلب الشرقي، بعد إقرار اتفاق وقف إطلاق النار، وعلى إثر هذا الاتفاق تراجعت قوات سوريا الديمقراطية في ريف حلب إلى شرقي نهر الفرات.
ومنذ العاشر من كانون الأول/ ديسمبر الفائت تسعى الفصائل الإرهابية في ما تسعى إليه، للسيطرة على جسر قرقوزاق وسد تشرين، وهما صلةُ الوصل بين غرب النهر وشرقه، إلا أن مقاومة قسد منعتها منذ ذلك الحين وإلى الآن من تحقيق هدفها.
وفي ظل استهداف المدنيين الداعمين لمقاومة قسد على سد تشرين، احتفت دمشق بما أسمته بـ”مؤتمر انتصار الثورة السورية”، والذي شهد مشاركة ثمانية عشر فصيلاً مسلحاً، من بينها فصائل تقاتل قسد على جبهة سد تشرين.
وخلال المؤتمر أعلنت الفصائل حل نفسها لتنضمَّ تحت مظلة وزارة الدفاع في الإدارة السورية المؤقتة، التي كلفتها هيئة تحرير الشام بإدارة شؤون البلاد، في المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا.
ومع هذا الإعلان، تساءَل السوريون حول استمرار الهجمات التي تشنها الفصائل على جبهة سد تشرين، على عكس تصريحات المسؤولين في دمشق، والتي تؤكد على مبدأ الحوار مع قسد والإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا.
فإما أن يكون انضمام هذه الفصائل إلى وزارة الدفاع هو شكلي وفقط أمام وسائل الإعلام، إذ ما زالت هذه الفصائل تنفذ الأجندات التركية في المنطقة، وإمّا أنها فعلياً خارج سيطرة وزارة الدفاع السورية، ولا تنفذ أوامرها، وهذا ينفي ما أعلنته الوزارة برفض وجود كياناتٍ مستقلةٍ ضمن الجيش السوري الجديد.
وعليه فإن الواجب على دمشق أن تجيب عن تساؤلات السوريين، حول ماهية انتماء مَن يقاتلون قسد في ريف حلب الشرقي، هل هم جنودٌ سوريون يتبعون للجيش، أم أنهم ثُلّةٌ من العناصر المارقة الخارجة عن السلطة، أم أنهم بالأساس لم يغيّروا ولاءَهم مطلقاً، وما زالوا عناصرَ في فصائلَ إرهابيةٍ تتبع تركيا.