الساحل السوري.. واقع مرير وتحديات كبيرة يعيشها السكان منذ أحداث آذار الدامية(خاص)

ما تزال بلدات وقرى الساحل السوري، تشهد آثاراً سلبيةً بارزة ألحقتها أحداث آذار/ مارس الدامية، والتي أثرت بشكلٍ كبير على سير الحياة العامة للسكان، فيما لاتزال حالات القتل والخطف والسرقة، وغيرها من الانتهاكات تتصدر المشهد الأمني.

مدنيون يُقتلون ويُخطفون وبساتينٌ وأشجارٌ تُحترق وممتلكات خاصة وعامة تُنهب، ومنازل سكانٍ يُستولى عليها. كل تلك الممارسات المنافية للقيم الإنسانية ما تزال ساريةً في المنطقة، دون حسيب يُذكر.

المرافق العامة أيضاً ومنها الصحية، لم تسلم من بطش فصائل مسلحين، يتخذون من بعض قرى اللاذقية وطرطوس منطلقاً لتنفيذ الانتهاكات والجرائم، حيث تتعرض بعض المشافي والمستوصفات لعمليات السرقة والنهب، وصلت إلى حد طرد الأطباء والموظفين وبعضها خرج عن الخدمة، ما أسفر عن تدني مستوى الرعاية الصحية في المنطقة بشكلٍ كبير.

الواقع الأمني والخدمي المتدهور زاد الطين بَلَّة، فيما يخص الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للأهالي، الذين لطالما كانوا يعتمدون على بعض الزراعات البسيطة والوظائف الحكومية، في تأمين أبسط مقومات الحياة خلال عقودٍ من الزمن، بالتزامن مع تعرض آلاف الموظفين في القطاعات العامة مؤخراً، إلى تسريحاتٍ وإلغاءٍ للخدمة من قبل الحكومة السورية الانتقالية، ما يفاقم من الظروف المعيشية المزرية أساساً.

كل تلك الممارسات زادت من تدني فُرص عودة آلاف اللاجئين إلى منازلهم وقراهم، بعد أن نزحوا منها في أوقاتٍ سابقة من شهر آذار/ مارس الفائت. وتفيد مصادرُ محليةٌ بأن غالبية السكان العلويين ممن نزحوا من مناطقهم، ما زالوا ماكثين إما في القاعدة الروسية في مطار حميميم، أو يفترشون العراء في المناطق الجبلية، أو يقيمون في منازل أقاربهم بمحافظاتٍ أخرى، خوفاً من الانتقامات والتصفيات القائمة على أساس الطائفة.

وعلى الرغم من تطمينات الحكومة السورية الانتقالية لهؤلاء النازحين ودعوتهم للرجوع إلى قراهم، إلا إن ذلك لم يُبدد مخاوفهم، لا سيما بعد تقاريرَ إعلاميةٍ تحدثت عن استيلاء قواتٍ رديفة تابعة للأمن العام بالحكومة الانتقالية، على منازل المدنيين في العديد من قرى الساحل السوري في ريفي اللاذقية وطرطوس.

وعلى ضوء ذلك، يخشى مراقبون من تدهور الواقع الأمني والخَدمي أكثر وأكثر، نتيجة عجز الحكومة الانتقالية عن ضبط فصائلَ مسلحةٍ تعمل تحت ظلها، وتحوي الآلاف من العناصر الأجانب، الذين يحملون أفكاراً تطرّفية وجهادية وعنصرية، تُهدّد النسيج السوري المتعدد الطوائف والأديان والقوميات.