الذكرى الثالثة لهجوم “سجن الصناعة” في الحسكة بشمال شرق سوريا

لا تزال قوات سوريا الديمقراطية تتعاطى مع واحدة من أكثر ملفات الإرهاب خطورة لا على الأمن المحلي والإقليمي وحسب؛ بل على الأمن العالمي أيضاً، وهو ما دفع دول العالم لتشكيل تحالف دولي عسكري يشارك مع القوات الأمنية على الأرض في كل من سوريا والعراق من أجل كبح جماح خطورته ومحاولة إضعافه عسكرياً كحد أدنى.

شكلت كل من سوريا والعراق بسبب الأزمة السياسية والأمنية والعسكرية المخيمة على البلدين بيئةً خِصْبة لأتباع الفكر الإرهابي من أجل تشكيل قوة عسكرية وأيديولوجية إرهابية متمثلة بتنظيم داعش الإرهابي لتبسط سيطرتها على مناطق واسعة في كلا البلدين.

في شمال وشرق سوريا قريباً من الحدود العراقية تكفلت قوات سوريا الديمقراطية التي تشكلت عام 2015 إبّان نجاح مقاومة كوباني عام 2014 في منع التنظيم من السيطرة على أراضيها، بتشكيل حملات لتحرير كامل مناطق شمال وشرق سوريا من قبضة التنظيم، وهو ما حققته مع دحر داعش جغرافياً في آخر معاقله بالباغوز في ريف دير الزور عام 2019.

الاستجابة الخجولة من الدول لمطالب الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا بإجلاء رعاياها من أُسَر التنظيم، إضافة إلى عدم الاستجابة الدولية لمطلب الإدارة بإجراء محاكمة دولية لعناصر التنظيم المحتجزين لديها، اضطرتها منذ ذلك الحين للتعامل مع ملف احتجاز قرابة ستة وخمسين ألف شخص بينهم ثلاثون ألف طفل في أربع وعشرين منشأةَ احتجازٍ ومخيّمين هما الهول وروج في شمال شرق سوريا.

ووفقاً لإحصاءات سابقة، يقبع في سجون الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا نحو اثنا عشر ألف عنصر من التنظيم، بينهم ألفان وخمسمئة إلى ثلاثة آلاف أجنبي منحدرين من أربع وخمسين دولة موزعين على سبعة سجون بمناطق متفرقة تخضع لحراسة مشددة بسبب خطورتها الكبيرة على أمن المنطقة.

 

سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة شمال شرق سوريا اُعتبر الأكبر بين مراكز الاحتجاز التي يديرها الأمن الداخلي للإدارة الذاتية، لاحتوائه على ما يقارب خمسة آلاف عنصر إرهابي من التنظيم بينهم متزعمون شديدو الخطورة حاولوا تنفيذ استعصاءات عديدة داخل السجن من أجل الهرب.

أخطر هذه الاستعصاءات حدثت في العشرين من يناير كانون الثاني عام 2022، بعد أن هاجمت خلايا نائمة للتنظيم في نحو الساعة السابعة مساءً لمحيط السجن بتفجير سيارة مفخخة كانت متوجهة إلى بوابة السجن الرئيسية، اعترضها حاجز لقوى الأمن الداخلي.

وبحسب قوات سوريا الديمقراطية قام نحو مئة عنصر من التنظيم بالهجوم من عدة محاور على السجن بهدف خلق الفوضى، وحدث خرق عند البوابة الرئيسية للسجن بعد أن فجر انتحاري آخر نفسه بدراجة نارية على البوابة الرئيسية، ما ساهم بتسهيل مرور الخلايا الإرهابية المهاجمة إلى داخل السجن.

هذه الأحداث المحيطة بالسجن تزامنت ببدء الآلاف من السجناء استعصاء داخل السجن، حيث تمكن سجناء بعض المهاجع من خلع الأبواب وكسر الأقفال وفرار البعض منهم خارج السجن هاربين جنوباً إلى حي الزهور وحي غويران الشرقي.

تفجيرات خلايا التنظيم الإرهابي أدت لإحراق صهاريج وقود تابعة لشركة سادكوب بالقرب من السجن لتسهيل عملية الفرار بفعل السحب الدخانية الكثيفة وإبطال نشاط طيران التحالف الدولي من المشاركة في المعركة وتحديد أماكن هروبهم ما أدى لإطالة أمد المعركة.

وبذلك تشكلت ثلاث جبهات قتال بعد إعلان قوات سوريا الديمقراطية عن حملة مطرقة الشعوب لمؤازرة قوى الأمن الداخلي وبمشاركة من طيران التحالف الدولي، فكان المحور الأول في محيط السجن وداخله والمحور الثاني في حي غويران الشرقي، والثالث في حي الزهور.

بعد يومين من المعركة تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من ضبط المشهد بتطويق بؤرة الاشتباك وتقليصها لتقتصر على داخل السجن ومحيطه القريب، وبدأت بمحاولة تسليم عناصر التنظيم المتواجدين داخل السجن لأنفسهم بدون قتال، حيث استسلم في الدفعة الأولى قرابة ألف معتقل من كبار السن والمصابين والمعاقين من عناصر التنظيم، فيما سلم البعض الآخر نفسه في اليوم الرابع والخامس، أما آخر المستسلمين كانت مجموعة اتخذت من قبو السجن مكاناً لها وتحصنت داخله طيلة فترة الهجوم، استسلمت في الــ 29 يناير من آخر أيام الحملة.

حققت قوات سوريا الديمقراطية مع قوى الأمن الداخلي نصراً في هذه المعركة التي استمرت تسعة أيام أدت لمقتل ثلاثمئة وأربعة وسبعين عنصراً إرهابياً من المهاجمين والسجناء واستسلام مَن تبقى منهم.
وبذل شبان وشابات المنطقة المشاركين في هذه الحملة العسكرية مئة وواحدا وعشرين مقاتلاً لحماية أمن المنطقة وأهلها.

قد يعجبك ايضا