الحرب السودانية تدخل عامها الثالث ولا حلول تلوح في الأفق (خاص)
لا حسمَ عسكرياً .. لا مفاوضات .. لا تنازلات… لاءات تستمر للعام الثالث على التوالي، كان لها الدورُ الرئيسُ في الصراع السوداني السوداني بين الجيش وقواتِ الدعمِ السريع. صراعٌ لا بل حربٌ مدمرة.
حربٌ أسفرت منذ اندلاعها في الخامسَ عشرَ من نيسان / أبريل عام ألفين وثلاثةٍ وعشرين وحتى بداية السنة الثالثة، عن مقتل وإصابة عشراتِ الألوف وربّما مئاتِ الألوف، لا أرقامُ دقيقةٌ للضحايا حتى الآن، إضافة لنحو خمسةَ عشرَ مليونَ نازح ولاجئ، ودمارٍ طال ما يزيد على ستين في المئة من البنية التحتية للبلاد، ناهيك عن أزمةٍ إنسانيةٍ غيرِ مسبوقةٍ تهدد جيلاً كاملاً بأكمله، بحسب الأمم المتحدة.
ومع مرور عامين على اندلاع الحرب، حثَّ الأمينُ العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش الأطراف على الوقف الفوري للقتال, واتّخاذِ خطواتٍ نحو عمليةٍ سياسية شاملة “لوضع السودان على طريق السلام والاستقرار”، كما جدّدَ دعوتَه للمجتمع الدولي إلى توحيد جهودِه “لإنهاء هذا النزاع المروِّع”.
دعواتٌ لم يستجبْ لها طرفا الصراع حتى اللحظة، ما يعني استمرارَ الأزمات.. مُفوَّضُ الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك وصف ما يحدث في السودان بأنه “اعتداءٌ شامل على حقوق الإنسان وسط تقاعسٍ عالمي، فيما حذّر شون هيوز، منسِّقُ الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي لأزمة السودان، من وضعٍ مأساويٍّ في السودان، ووصفه بأنه أكبرُ أزمةٍ إنسانيةٍ في العالم، إذ يواجه نحو خمسةٍ وعشرين مليونَ شخص، أي ما يعادل نصفَ السكان – جوعاً شديداً، ويُعاني ما يقرب من خمسةِ ملايين طفل وأُمٍّ من سوء التغذية الحاد.
وحول النازحين واللاجئين، تقول الأممُ المتحدة إنّ السودان يشهد أكبرَ أزمةِ نزوحٍ في العالم.. فيليبو غراندي، المُفوَّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أوضح أنّ “ثلث سكانِ السودان نازحون. أكثرُ من اثني عشرَ مليوناً في الداخل, وما يقارب الأربعةَ ملايين في الخارج.
أمّا من الناحية العسكرية والتي شهدت تقدماً ملحوظاً في الآونة الأخيرة لصالح الجيش، يرى مراقبون أن هذا التقدم يفتح البابَ أمام سيناريوهاتٍ جديدة، بينها الحسمُ العسكري, وهو أمرٌ قد يكون مستبعداً حالياً، أو استمرارُ الحرب بشكلٍ أكثرَ شراسة، ما قد يعني تفاقمَ الأزماتِ أكثرَ فأكثر, وارتفاعَ حصيلةِ الضحايا المدنيين.
وعلى ضوء ذلك، يرى محللون أنّ أفضلَ طريقةٍ لحماية المدنيين، هي تحرُّكُ المجتمع الدولي مباشرةً نحو البند السابع من ميثاق الأممِ المتحدة، والفصلُ بين القوات العسكريةِ المتصارعة في البلاد، وعدمُ الاكتفاء بفرض العقوبات، التي يقابلها الطرفان بانتهاكاتٍ جديدةٍ بحقِّ المدنيين، وهم بطبيعة الحال الخاسرُ الأكبرُ والحلقةُ الأضعفُ في الصراعات, ليس في السودان فقط بل في العالمِ بشكلٍ عام.