التوغل الأوكراني المفاجئ في روسيا يخلق الصدمة ويبعثر الأوراق (خاص)
الحرب سجال بين روسيا وأوكرانيا، ومن ظن أن موسكو بتوغلها في المقاطعات الأوكرانية هي الغالبة، فهو مخطئ، إذ قلبت كييف الطاولة في السادس من الشهر الجاري، وخالفت معظم التوقعات، بتجاوزها الحدود الروسية وسيطرتها على عشرات القرى والبلدات في منطقة كورسك غربي روسيا، لتحدث فارقاً ظن كثيرون أنه لن يحدث.
التقدم الأوكراني المفاجئ، أفقد سيطرة موسكو على بلدات جديدة في دونتسك شرقي أوكرانيا بريقها لدى الروس، فالجيش الأوكراني بات أوّل من يقتحم الحدود الروسية منذ الحرب العالمية الثانية، بل وتمركز في عدة نقاط حتى ساعة إعداد هذا التقرير.
حلفاء أوكرانيا، أمريكا وألمانيا وغيرهما، أكدوا أن هجوم كييف المباغت كان سرياً، وجاء دون التشاور معهم، إلا أنهم أعربوا عن تأييدهم له، مشددين على أنه سيكون له دورٌ في ردع مخططات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي بات قريباً أكثر من أيّ وقت مضى من مواجهة دول حلف شمال الأطلسي، خاصة مع استخدام الجيش الأوكراني تجهيزات ومعدات عسكرية مقدمة من هذه الدول في الهجوم على كورسك.
ميخائيلو بودولياك مساعد الرئيس الأوكراني، أكد عبر تدوينة في منصة إكس أن بلاده تريد التفاوض بشروط تضعها كييف، مضيفاً أنهم لن يتوسلوا روسيا للجلوس في مفاوضات، وأشار أنه في منطقة كورسك يُرى بوضوح كيفية استخدام الآلة العسكرية، لإقناع موسكو بالدخول في عملية تفاوضٍ منصفة، على حد وصفه.
الرد الروسي جاء عن طريق، ديميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، بأن توغل أوكرانيا داخل منطقة كورسك يعني أنه لن يكون هناك محادثات بين موسكو وكييف حتى تُهزم أوكرانيا تماماً، كما هدد ألمانيا بأن الدبابات الروسية بإمكانها الوصول إلى قلب برلين، على خلفية استخدام الجيش الأوكراني المدرعات الألمانية في عملية التوغل في كورسك.
التوغل الأوكراني أصاب الكبرياء الروسي في مقتل، فروسيا التي تتقدم داخل الأراضي الأوكرانية منذ عامين ونصف العام تقريباً، وتسيطر على مساحات جديدة بشكل مستمر، لم تتوقع أن تخطو كييف مثل هذه الخطوة، وهي التي فشل هجومها المضاد صيف العام الماضي فشلاً ذريعاً.
بوتين وفق مراقبين يعيش حالياً مأزقاً حرجاً، ربّما يتجاوز بأشواط ما عاشه إبّان تمرد قوات فاغنر وقائدها، يفغيني بريغوجين في حزيران يونيو من العام الماضي، حينما أمر بريغوجين قواته بالانسحاب من خطوط الجبهة والتوجه نحو موسكو، وفي طريقه أسقط مروحية تابعة للجيش الروسي، كما أردى عدداً من الجنود الروس قتلى.
فهل سيكون التوغل الأوكراني في الأراضي الروسية نقطة البداية نحو سلام مطلوب من المجتمع الدولي بين روسيا وأوكرانيا، أم أنه سيكون الشرارة التي تشعل حرباً عالمية يتخوف منها الجميع.