التهجير القسري في الشرق الأوسط… سلاح الهيمنة على المنطقة وإبادة شعوبها

التهجير القسري يتحول من جريمة إلى أداة لفرض واقع جديد على بعض المناطق وتغيير تركيبتها السكانية قبل أن يتم الهيمنة عليها واحتلالها، في سياسة ممنهجة اتبعتها بعض الدول ضد شعوب الشرق الأوسط ولعل أبرز ضحاياها الشعب الكردي والفلسطيني والأرمني.

فرغم أن خطط التهجير ضد الفلسطينيين ليست بجديدة وسبق وأن عانى الفلسطينيون من تبعاتها في العديد من المدن والمناطق الفلسطينية، إلا أنه برزت للعلن خلال الحرب الأخيرة في قطاع غزة مخططات تهجير تختلف عن تلك التي جرت في السنوات السابقة.

فصحراء سيناء هي الوجهة المقبلة للفلسطينين وفق ما تخطط له إسرائيل وخلفها دول غربية، من أجل فرض سيطرتها على قطاع يخلو من الغزيين بعد تهجيرهم قسراً من موطنهم على غرار ما جرى في مناطق ومدن فلسطينية أخرى.

الجرائم ضد المدنيين في غزة والتي ترقى إلى إبادة جماعية وفقاً للقوانيين الدولية، لم تكن مجرد ردة فعل على هجمات السابع من أكتوبر فحسب، بل حلم أرادت إسرائيل تحقيقه منذ أمد بعيد وصياغة سيناريو مشابه لما حدث في الضفة الغربية عام 1967.

غزة

مخططات التصفية والتهجير ضد الكرد ليست أقل من تلك التي تمارس ضد الفلسيطينيين، فالنظام التركي عمل على تهجير الكرد قسراً من مناطقهم في سوريا، عبر هجمات وحروب ارتكبت من خلالها أبشع المجازر بحق المدنيين وجرى بناء مستوطنات على أراضيهم لتتريك المنطقة وتغيير ديمغرافيتها.

المعالم الآثرية والحضارية في المناطق الكردية بسوريا، لم تسلم من سياسات النظام التركي الاحتلالية، فقد دمر العشرات من المواقع الآثرية خلال عمليات جرف وتنقيب بغية محو هوية المنطقة وطمس العمق الحضاري الذي يعود إلى حقب تاريخية متعددة.

الشعب الأرمني أيضاً عانى الولايات على يد العثمانيين الذين ارتكبوا أكبر إبادة جماعية في التاريخ الحديث بحق الأرمن، وفظاعات يندى لها الجبين في مجازر سيفو التي أودت بحياة نحو مليون ونصف المليون أرمني عام ألف وتسعمئة وخمسة عشر.

الشعب الأرمني

رئيس النظام التركي رجب أردوغان استكمل ما بدأه أسلافه بحق الأرمنيين في إقليم آرتساخ بعد أن شنت أذربيجان هجمات عسكرية حظيت بدعم مباشر من تركيا ضد الأرمن، لتنتهي بتهجير آلاف الأرمنيين من الإقليم.

ورغم أن عمليات التهجير القسري تندرج ضمن جرائم حرب وجرائم الإبادة الجماعية، وفقاً لما ورد في نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، والمادة تسعة وأربعين من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تحظر مثل هذه العمليات، إلا أنه لا تزال بعض الدول تستخدم التهجير القسري كسلاح ضد الشعوب الأصلية في الشرق الأوسط أمام مرأى المجتمع الدولي دون أي رادع أو إجراء يجبرها على الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية.

قد يعجبك ايضا