البرهان يخطب ودّ أردوغان ومخاوف من تكرار السيناريو الليبي
طموح الاستئثار بالسلطة وحسابات المصالح الشخصية، تهدد بدفع السودان نحو مرحلة خطرة يصعب التراجع عنها حال الانزلاق إليها، عنوانها صراع مزمن أقل ما يمكن أن ينتج عنه تفكيك الدولة إلى دويلات، وتحويلها لبؤر نزاع وقواعد لمشاريع دخيلة قديمة جديدة، هدفها آفاق القارة الأفريقية ومقدرات شعوبها.
مشهد أخذت ملامحه تتبدى من زيارة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لأنقرة، ولقائه رئيس النظام التركي رجب أردوغان، الذي يمنّى النفس باستعادة حلم تبدد مع الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السوداني السابق عمر البشير، وذلك بفشل مشروع السيطرة على ميناء سواكن المطل على البحر الأحمر، كقاعدة متقدمة لمشاريع تركيا التوسعية في القارة الأفريقية، ومنافسة المصالح الخليجية، يساعده بذلك انتماؤه مع البرهان إلى ذات المنظومة الآيديولوجية التي تمثلها جماعة الإخوان.
زيارة البرهان لتركيا التي رافقها فيها وزير الخارجية ومدير جهاز المخابرات العامة، وجاءت بعد جولات إلى عدة دول أفريقية وخليجية، مدفوعة بمواجهته تحديات جسيمة، أبرزها عجزه عن إلحاق الهزيمة بقوات الدعم السريع، وحاجته لقدرات عسكرية تمكنه من حسم صراع السلطة هذا لصالحه، وعينه على دور تركي أكبر مما كشفته تقارير سودانية، حول استخدام الجيش طائرات بيرقدار التركية في قصف مناطق تتواجد فيها قوات الدعم، وسقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، ولا سيما في الخرطوم ودارفور.
قوى مدنية سودانية أعربت عن مخاوفها من إمكانية أن تكون زيارة البرهان لأنقرة، بداية استقطاب يجر البلاد إلى سيناريو مشابه لما جرى في ليبيا، عندما استغل رئيس النظام التركي رجب أردوغان شغف رئيس حكومة الوفاق فايز السراج بالسلطة، ليفتح الأخير أبواب ليبيا على مصراعيها أمام تدخل جيش النظام التركي ومرتزقته لاسيما من عناصر الفصائل الإرهابية بسوريا، فهيمنت أنقرة على مقدرات البلاد وعمّقت الشروخ بين أبنائها، وحالت وما تزال دون أي حل يجمع شملهم وينهي أزماتهم.
مخاوف ينذر تحققها بعواقب وخيمة على السودان ودول الجوار خاصة مصر، التي عانت استطالات التدخل التركي في ليبيا، كما يهدد دخول النظام التركي على خط الأزمة السودانية باتساع دائرة الصراع وانخراط أطراف أخرى فيه بشكل مباشر، ما يعني المزيد من الخسائر البشرية والتهجير وتدهور الأوضاع المعيشية ودمار أكبر للبنية التحتية، وصولاً بآمال السودانيين في الأمن والاستقرار والحرية والعيش الكريم إلى مرحلة اللاعودة.