الاتفاق الموقع بين بغداد وأنقرة.. تكريس للوجود التركي في البلاد
ما زال الاتفاق الذي وقعته الحكومة العراقية مع النظام التركي في الخامس عشر من آب/أغسطس الماضي يُلقي بظلاله على المشهد السياسي العراقي، وسط استياءٍ في الأوساط الشعبية والسياسية التي حذّرت من استمراره على هذا الشكل لما له من تداعيات ومخاطر على البلاد.
فالاتفاق الذي وقعه وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مع نظريه التركي حقان فيدان في العاصمة التركية أنقرة، بحسب مراقبين يعتبر مجحفاً بحق العراق، لما له من آثارٍ وإضرارٍ بوحدة وسيادة البلاد، إذ يسمح لتركيا بالتدخل بالشؤون الداخلية للعراق في الوقت الذي أكد النظام التركي أن الاتفاق لا يتضمّن أيّ نصٍّ يتعلق بإنهاء وجود قواته في الأراضي العراقية.
فالعديد من التقارير تشير إلى أن العمليات العسكرية لجيش النظام التركي أدّت إلى انتهاك حقوق الإنسان وفقدان الكثير من المدنيين لأرواحهم بالإضافة إلى التهجير القسري للكثير من سكان القرى في المناطق المستهدفة، في ظلّ صمت حكومتي بغداد وأربيل، كما أن الهجمات المستمرة على إقليم كردستان تقلّل من هيبة العراق أمام المجتمع الدولي وفقاً لتلك التقارير.
الاتفاق وبحسب متابعين للشأن العراقي يمكن له أن يفاقم النزاعات السياسية ويكون عاملاً لتفجير النزاعات في البلاد وتعميق الفجوات بين أطرافٍ معارضة للاتفاق والحكومة المركزية والذي بدوره سيفاقم الصراعات ويعقّد المشهد الأمني والسياسي في البلاد.
في المقابل يرى خبراء في الشأن العراقي، أن بغداد رضخت لبنود هذه الاتفاقية المجحفة مقابل مطالب تتلخص، أهمها الحصول على حصة عادلة من المياه في ظلّ الشح الذي تعاني منه البلاد نتيجة تحكّم تركيا بالوارد المائي للبلاد، بجانب مطالب فتح أنبوب تصدير النفط عبر ميناء جيهان في تركيا المغلق منذ الخامس والعشرين من مارس/آذار، ألفين وثلاثة وعشرين.
ورغم توقيع حكومة بغداد، الاتفاق إلا أن الفصل والبت فيه يبقى في يد البرلمان العراقي، فالأضرار المحتملة من الاتفاق تبرز كعوامل تؤثر سلبًا على استقرار البلاد وسيادته، فيما تدعو أوساط سياسية الحكومة العراقية لتبني إستراتيجيات شاملة توازن بين الأمن الوطني والحفاظ على العلاقات الجيدة مع الجوار بما يخدم مصالح العراق وشعبه.