تعيش سوريا اليوم مرحلة تاريخية دقيقة، تتطلب جهودًا كبيرة لإعادة البناء وتصحيح الأخطاء التي خلفتها فترة حكم النظام السابق وما تبعها من تدمير للبنية الاجتماعية، الذي ساهم في تعميق الانقسامات والفرقة بين أبناء الشعب السوري. وقد تفاقم هذا التدمير مع استمرار النزاع المسلح طوال أربعة عشر عامًا، ما أسفر عن موجات نزوح وتهجير قسري لعدد كبير من السوريين.
وفي بيان لها، أكدت الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا ضرورة تأسيس أسس متينة للسلم الأهلي والمحافظة عليها من قبل الحكومة الحالية في دمشق. لكن في ذات الوقت، تتواصل المعارك والاشتباكات في بعض المناطق السورية، مثل الساحل السوري وسد تشرين، بالإضافة إلى تصاعد خطاب الكراهية بين مختلف المكونات السورية وتفشي حالات الانتقام في بعض المناطق.
البيان أشار إلى أن ملايين السوريين يعيشون كلاجئين في الخارج، بينما يواجه مئات الآلاف من المهجّرين قسرًا داخل البلاد صعوبة في العودة إلى مناطقهم الأصلية، موضحاً أن أهالي عفرين ورأس العين (سري كانية) وتل أبيض / كري سبي، إلى جانب عشرات الآلاف من السوريين الآخرين، يعانون من ظروف إنسانية قاسية في المخيمات ومراكز الإيواء المؤقتة شمال وشرق سوريا، التي تديرها الإدارة الذاتية الديمقراطية رغم شح الموارد والمساعدات الإنسانية.
كما أكد البيان على حق كل سوري في العودة إلى وطنه، مطالبًا بتوفير الشروط اللازمة للعودة الطوعية والآمنة. وفي هذا السياق، أشار البيان إلى جهود الإدارة الذاتية للتواصل مع الجهات الحاكمة في دمشق لتأمين العودة الكريمة للمهجّرين من مناطق عفرين، سري كانية، وتل أبيض، موضحًا أنها لم تتلقَّ بعد ضمانات تضمن الأمن وتهيئة الظروف القانونية الملائمة. كما هيأت لذلك الإدارة الذاتية الظروف المناسبة لعودة السوريين الذين لجؤوا إلى مناطقها خلال سنوات الحرب، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في مخيم الهول.
ودعا البيان إلى ضرورة إشراك المنظمات الأممية المعنية في تأمين العودة الطوعية والآمنة لجميع النازحين والمهجّرين داخليًا، بما يضمن سلامتهم القانونية ويوفر الدعم اللازم لهم في مناطقهم الأصلية وفقًا للمعايير الدولية، بالإضافة إلى ضمان العدالة الانتقالية بحق مرتكبي الجرائم ضد الشعب السوري.
كما شددت الإدارة الذاتية على أن السلم الأهلي في سوريا لن يتحقق ما دامت المعارك مستمرة في بعض المناطق وتتصاعد التوترات في مناطق أخرى. وأكدت أن حكومة دمشق، في ظل تدهور الوضع المؤسساتي الرسمي، لا تستطيع بمفردها تحمل مسؤوليات الأمن وضمان استقرار المنشآت الحيوية ونقاط التوتر في جميع أنحاء البلاد.
وفي ظل عودة نشاط المنظمات الأممية، بما في ذلك بعثة المراقبين الدوليين التي بدأت مهامها في سوريا عام ألف وتسعمئة وأربعة وسبعين، أشار البيان إلى ضرورة عودة بعثة المراقبين التي أُنشئت في أبريل ألفين واثني عشر، بموجب قرار من مجلس الأمن، لتشرف على نقاط التوتر الحالية في سوريا، بما في ذلك سد تشرين. هذا الإشراف سيكون ضروريًا لضمان توقف المعارك، إرساء السلم الأهلي، وتأمين العودة الآمنة للمهجّرين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية بالتنسيق مع السلطات المحلية.