الأعياد في سوريا وشعار “دولة المواطنة” في مهب الريح(خاص)

في وقت تتغنّى فيه السلطات السورية بخطاب الوحدة الوطنية والنسيج السوري المتنوع، يأتي صمتها اللافت تجاه أعياد الكرد والسريان الآشوريين والمسيحيين، مثل عيد النوروز، ورأس السنة البابلية الآشورية، ورأس السنة الإيزيدية، وعيد الفصح، كضربةٍ موجعةٍ لهذه الشعارات، التي تبدو خاليةً من المعنى.

أحمد الشرع رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا ومسؤولو حكومته، تسابقوا بالتصريحات والبيانات والمنشورات، بتهنئة المسلمين بعيد الفطر لهذا العام، في إعادةٍ مشابهة لما حدث مع إعلان بداية شهر رمضان، شهر الصوم لدى المسلمين.

لكن الأمر لم يتكرر مع أعيادٍ قومية للكرد والسريان الآشوريين، وكذلك في أعياد الإيزيديين والمسيحيين، إذ تجاهل الشرعُ ومعه مسؤولو الحكومة الانتقالية، أن يتقدموا بالتهنئة بأعيادٍ يُحتفل بها من قبل مكونات أصيلة في سوريا عبر التاريخ، وكأنهم غيرُ موجودين، أو كأن أعيادَهم لا تستحق الذكر.

مراقبون للشأن السوري أكدوا أن سلوك الشرع والمسؤولين الجدد في سوريا، لا يمكن اعتبارُه مجرد نسيانٍ أو خطأً بروتوكولياً، بل هو مؤشرٌ خطيرٌ على سياسة تمييزٍ غير مُعلنة، تمارسها الحكومة الانتقالية في سوريا، تفرّق بوضوحٍ بين المواطنين على أساس ديني.

وأشاروا إلى أن تجاهل تهنئة شريحةٍ أصيلةٍ من أبناء الوطن، يُفهم بشكلٍ مباشر كموقفٍ سياسي واجتماعي فيه إقصاءٌ واضح، وربما كرس هذا التجاهل لدى المكونات شعوراً بأن الحكومة لا تمثلهم، رغم الشعارات التي نادت بها مع استلامها زمامَ الأمور عقب سقوط النظام السابق.

محللون تساءلوا عن ماهية حكومةٍ تدّعي أنها تمثل كل أطياف الشعب السوري، بكل طوائفه وعِرقياته، في حين أنها تتجاهل مكوناتٍ تاريخية في هذه البلاد، فهم ليسوا حديثي العهد فيها، بل هم شركاء في بنائها، وثقافتها، وحضارتها، وفق وصفهم.

الاحترام المتبادل والاعتراف بالمناسبات الدينية والاجتماعية لجميع مكونات الشعب، هو جزءٌ من واجبات أي حكومةٍ تحترم شعبها، كما أن تهنئة الأعياد وفق مراقبين، ليست مسألةً رمزية فحسب، بل رسالةً تبرز أحد أسس دولة المواطنة.

استمرار الحكومة بانتهاج سياسة الإقصاء هذه، لن تكون مُضرةً بحق المكونات السورية فقط، بل تهدد النسيج السوري ككل، وهذه السياسة تغذي مشاعر الغبن والتفرقة، وهو ما يُلزم الحكومةَ الانتقالية ومسؤولي المرحلة الانتقالية في سوريا بمراجعة مواقفهم، وتصحيح أخطائهم، بحسب دعوات ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، فمعيار المواطنة لا يُقاسُ بالدين أو العرق، بل بالانتماء للوطن، وأبناءُ هذه المكونات ليسوا بحاجةٍ إلى التفضُّل، بل إلى مَن يعاملهم بالعدل والاحترام الكامل، وفق تعبيرهم.