الأطراف المتنازعة وسباقها للسيطرة على دير الزور

تبدّلت الأولويات لدى جميع الأطراف المتنازعة في سوريا، ويبدو ذلك جلياً من خلال سعي قوات النظام  والفصائل الشيعية المتحالفة معه المدعومة من إيران

للسيطرة على الحدود بين سوريا والعراق لجعل دمشق نقطة الوصل والفقرة الأهم في مشروع الهلال الشيعي، الذي يبدأ من  إيران وينتهي في لبنان.

بعد اشتداد المعارك على كافة الجغرافية السورية، ولم تكن مناطق التهدئة الأربع المقترحة في مؤتمر الأستانة الأخير، والواقعة جميعها في غرب سوريا، إلا تعبيراً عن احتياج الروس والإيرانيين لتجميد الصراع هناك حتى يتسنّى لهم تأمين الحدود الشرقية مع العراق، وضمان ألا تسقط مدينة  دير الزور في  يد المعارضة.

فبالنسبة لحلفاء النظام السوري في دمشق وعلى رأسهم الإيرانيين لابد أن تكون السيطرة على الحدود العراقية من نصيب دمشق. وبالنسبة للإيرانيين فإن دير الزور أساسية لتأمين طريقٍ من طهران إلى العراق وعبر سوريا وصولاً لبيروت واستكمالاً لمشروع الهلال الشيعي.

أدرك النظام وحلفاؤه مؤخّراً خطر سقوط الحدود مع العراق في يد قوات الجبهة الجنوبية، وهو تحالف سوري معارض مكوّن من 58 فصيلاً من المعارضة السورية، وهو يتبع للجيش السوري الحر وقوات سوريا الديمقراطية التي تساندها قوات التحالف الدولي، وبعد دخول الحرب في سوريا عامها السابع، أنهكت الحرب  النظام وأجهزت على قواته وشتت الجبهات المفتوحة في الغرب السوري،

فكان لابد من إعادة تموضع القوات الروسية والمليشيات العراقية واللبنانية لتتمكّن من السيطرة على دير الزور قبل وصول القوات المعارضة لها.

قصف طيران التحالف الأمريكي قافلةً عسكرية لميليشيا إيرانية-عراقية تابعة لنظام  دمشق عند اقترابها من معبر التنف، وقد يُؤشّر هذا لطبيعة التصميم الأمريكي على حماية حلفائها.

يعمل داعش  على تعزيز نفوذه في دير الزور وضمان الحفاظ على المدينة لأطول فترة ممكنة، وقد يدفعه ذلك إلى شنّ هجمات جديدة على مواقع سيطرة جيش النظام.

النظام في دمشق والإيرانيون لا يرون  النصرة خطراً مقارنةً بتمدّد القوى المدعومة من التحالف الدولي في الشرق، وسيطرتها على الحدود مع العراق، حيث أن هذا يُغيّر كثيراً من معادلات استقرار النظام في دمشق، ويهدّد سيطرة إيران على سوريا، ففي لحظة ما قد يغري القوى المدعومة من التحالف الدولي للتقدّم باتّجاه دمشق.

وفي خضمّ هذه الخلافات الدولية وبعد اشتداد المعارك في مدينة الرقة، وقرب السيطرة عليها من قبل قوات سوريا الديمقراطية.

وبسبب فقدانه أهم مواقعه في مدينة منبج والباب ومساحات واسعة من ريفي الرقة الشمالي والشرقي وثلثي الموصل، بدأ داعش بنقل قادته الكبار من الرقة والموصل إلى دير الزور، فقد تصبح هذه المدينة عاصمة جديدة لدولة الخلافة المزعومة.

ومن أجل  تحقيق ذلك سيكون على التنظيم الإرهابي في هذه الحالة، القضاء على الوجود الضئيل لقوات النظام السوري في أحياء القصور والجورة وهرابش  والمطار العسكري الواقع خارج المدينة.

وعموماً، إن قوات النظام تستميت في الدفاع عن ما بقي لها من مواقع  في دير الزور منذ عام 2014 رغم أن أقرب الوحدات العسكرية تبعد عنهم عشرات الكيلومترات، ولذلك يُزوَّدون بالأسلحة والذخيرة والمواد الغذائية عن طريق الجو.

تبقى مدينة دير الزور الغنية بالنفط، الغاية التي تسعى جميع القوى المتنازعة في سوريا  لسيطرة عليها  لتمتعها بموقع استراتيجي، قد يعيد التوازنات الجيوسياسية إلى مربعها الأول.

قد يعجبك ايضا