مأساة هزت وجدان الإنسانية، جريمة راح ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون أرمني بعد أن تم تهجيرهم قسرًا من ديارهم ومنازلهم، ليجدوا أنفسهم في رحلة موت بطيء عبر الصحارى القاحلة، فعائلات كاملة تم تشتيتها، وأطفال لقوا مصرعهم على جوانب الطرق. إنها الإبادة الجماعية التي ارتُكبت بحق الأرمن على يد الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى.
وفي مدينة قامشلي بشمال شرق سوريا، أحيا المكوّن الأرمني ذكرى مرور مئة وعشرة أعوام على الإبادة الجماعية التي ارتكبتها الدولة العثمانية بين عامي ألف وتسعمئة وخمسة عشرة وألف وتسعمئة وسبعة عشر، وذلك عبر فعالية جمعت مختلف مكونات المنطقة.
الشعب الأرمني عانى على يد الدولة العثمانية من التهجير والقتل في واحدة من أبشع صور الإبادة الجماعية في القرن العشرين، واليوم، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه من قبل مَن يُطلق عليهم “العثمانيون الجدد”.
برغم ما عانته شعوب كالأرمن والكرد والكلدان والسريان والآشوريين والعرب من مجازر واضطهاد على يد الدولة العثمانية، فإنهم اليوم موحَّدون بإرادة الحياة والتجدد، عازمون على بناء مستقبل قائم على العدالة والكرامة، ومتكاتفون لصياغة غدٍ لا مكان فيه للقمع أو الإقصاء، بل للحرية والتعايش المشترك.
إن الألم الذي حملته شعوب المنطقة لم يكن نهاية الحكاية، بل بداية وعي جديد، وإرادة لا تنكسر. فبعد قرن من المجازر والتهجير والاضطهاد، تنهض هذه الشعوب اليوم موحّدة وتصنع من ماضيها جسراً نحو مستقبلٍ تسوده الكرامة، والحرية، والعدالة. فالتاريخ لا يُنسى، لكنه أيضاً لا يُكرر حين تتحد الشعوب وتتمسك بحقها في الحياة والسلام.