استمرار الاقتتال في الجنوب السوري رغم الاتفاق الروسي الأمريكي

بين مدينتي داعل وطفس شمالي محافظة درعا, يشهد الريف الشمالي منها توترًا بين “لواء مجاهدي حوران” التابع لـ”فرقة الحمزة”، و”اللواء 15 مشاة” التابع لـ”الفرقة 46″ جرّاء خلافاتٍ على حاجزٍ عسكري, حيث تتهم الأولى عناصر “اللواء 15 مشاة”، بأنهم “يشبحون على الأهالي والسيارات، واعتدوا على أعضاء اللجنة التي كان قد أسسها المجلس العسكري لمنع ظاهرة “التشبيح” التي تقوم بها بعض الفصائل المسلحة”، ما شكّل حالة خوفٍ لدى الأهالي من التصعيد بين الطرفين, فتم تشكيل قوةٍ من “لواء مجاهدي حوران”، والسيطرة على الحاجز، مطالبةً “اللواء 15 مشاة” ببيانٍ توضيحي حول ما يجري على الحاجز, و يُشارك الفصيلان ضمن “الجبهة الجنوبية”، في المعارك ضدّ “جيش خالد بن الوليد” التابع لتنظيم داعش.

في الريف الشرقي من درعا لا يختلف الحال كثيراً عن شماله, فالمنطقة شهدت مواجهات بالرشاشات والدبابات ومدافع الهاون بين فصيلي “جيش اليرموك” و”قوات شباب السنّة”، على خلفية إطلاق نارٍ أدّت إلى قطع طريق درعا -بصرى الشام، وامتدت إلى مناطق أخرى في بلدة نصيب، دون التوصّل إلى حلولٍ توافقية.

وتأتي هذه التطوّرات في وقتٍ تعيش فيه محافظات درعا والسويداء والقنيطرة اتفاق وقف إطلاق النار “الافتراضي”، حيث مشهد الخروقات بات مألوفاً, وفي انتهاك للاتفاق الروسي الأمريكي من قبل قوات النظام, التي ما تزال تستهدف منطقة الحمدانية في القنيطرة ومنطقة “بئر معروف” في السويداء, بالرشّاشات وقذائف الهاون والبراميل المتفجّرة والغارات الجوية, وتزامنًا مع تزايد حشود قوات الأسد والميليشيات الرديفة في محاولةٍ لاستعادة نقاط تقدّم “المعارضة” في درعا البلد, حيث تتعرّض مناطق مختلفة للقصف المكثّف من قبل قوات النظام أبرزها: درعا البلد وطريق السد، كما تحاول قوات الأسد السيطرة على مخيّم درعا لعزله قبل الهجوم على منطقة غرز، باعتباره خط دفاعٍ عنها، ساعيًا إلى قطع الطريق بين مدينة درعا وريفها الشرقي.

فيما أكّدت بعض المصادر وجود معطياتٍ لاجتماعاتٍ موازية تشهدها مدينة درعا، تناقش مصير “هيئة تحرير الشام” الجناح السوري لتنظيم القاعدة في تلك المناطق, ضمن أحد بنود الاتفاق، وهو تفريغ المنطقة من المسلحين غير السوريين والتركيز على محاربة الإرهاب, وتتركّز المقترحات المطروحة, في حلّ “الهيئة” لتشكيلها في الجنوب وانضواء مقاتليها ضمن الفصائل المسلّحة الموجودة هناك، وغير المصنّفة إرهابيّاً.

في سياقٍ موازٍ, وبعد تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اجتماعه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في باريس “أن إسرائيل تعارض اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب الغربي السوري”، لأنه يرسّخ الوجود الإيراني، سارع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى بعث رسائل تطمين حول مصالح إسرائيل في سوريا، مؤكّداً بأن بلاده والولايات المتحدة، فعلتا كل ما بوسعهما للأخذ بعين الاعتبار المصالح الإسرائيلية أثناء إعدادهما لخطّة انشاء منطقةٍ عازلة لتخفيف التوتّر جنوب سوريا.

ويرتبط الموقف الإسرائيلي بالمساعي “للحدّ من نفوذ حزب الله، وعناصر حركة حماس العائدين من قطر”, في حين تحاول طهران عرقلة الاتفاق في سوريا, عن طريق حشد ميليشيات حزب الله في جبهة “جرود عرسال” على الحدود اللبنانية السورية, وتعويضها في ملف اللاجئين السوريين عما لم تحقّقه في الاتفاق الأمريكي الروسي.

يذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار دخل حيّز التنفيذ في 9 تموز الجاري, وبضمانٍ روسي- أمريكي، ومن بنوده تخفيضٌ دائم للتصعيد في الجنوب السوري، وتجهيز مناطقَ لعودةِ اللاجئين من الأردن تباعاً إلى جنوب سوريا، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى هذه المناطق, وانسحاب قوات النظام والميليشيات الموالية لها من خطوط التماس إلى ثكناتٍ تابعة للنظام.

 

محي الدين المحيمد

قد يعجبك ايضا