إقالة الحلبوسي… ما بين التسييس ودعوى مكافحة الفساد

لا استقرارَ للعراق ولا انتهاءَ لمعاناته في المدى المنظور… فمن الحرب التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية عام ألفين وثلاثة، إلى مستنقع العجز والفساد وسوء الإدارة والنهب المنظّم لمقدرات الدولة وفقاً لنظام المحاصصة الذي يعدُّ إحدى العقبات الأساسية في طريق إصلاح العراق اليوم.

آخر ما يمرّ به عراق اليوم من أزمات نظام المحسوبية والمحاصصة الذي فتح البلاد على مصراعيها أمام هيمنة وترسيخ الأحزاب السياسية التي تسعى إلى تحقيق مصالحها الضيقة على حساب المصالح العامّة، هو إنهاء المحكمة الاتحادية العليا عضويةَ رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي بناءً على دعوى تزوير تقدَّم بها ضدّه أحدُ النواب.

إقالة الحلبوسي حملت بين طياتها سيناريوهاتٍ شابها الشكّ والتمحيص، فبينما كشفت المحكمة الاتحادية العليا، الأحد في بيانٍ مفصل بحيثيات قرارها أنّ الحلبوسي ارتكب جريمة التزوير في قضية قبول استقالة النائب السابق، ليث الدليمي. يرى مراقبون أنّ قرار إبعاد الحلبوسي قرارٌ سياسيٌّ بحت لإضعاف المكوّن السني وخلط الأوراق قُبيلَ انتخابات مجالس المحافظات المقرَّرة في الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر المقبل.

مصادر عراقية مطلعة رأت أنَّ الخشية من إنشاء إقليمٍ سنيٍّ في محافظة الأنبار أولاً، وامتداده بعد ذلك لبقية المحافظات ذات الأغلبية السكانية السنية، من بين أهم القضايا التي عجَّلت بإنهاء دور الحلبوسي في العملية السياسية، بيد أنّ معظم التحليلات والتعليقات حول هذه القضية تبدو متداخلةً وغيرَ واضحةٍ بالنسبة للأسباب الحقيقية التي وقفت وراءَ تلك الإقالة.
العراق


تداعيات إقالة الحلبوسي وأثرها على العملية الانتخابية في البلاد

من جهةٍ أخرى وفيما تباينت ردود الفعل في الشبكات الاجتماعية العراقية، ما بين مثنيةٍ على استقلالية القضاء ومهنيته في كشف ورفض “التزوير”، وبين اعتبار ما حدث “مسيّساً”، يرى محللون وخبراء في الشأن العراقي أن ما حدث سيؤثّر على إعادة تشكيل خارطة الاصطفافات والتحالفات البرلمانية والسياسية، وقد يحدّث تحولاتٍ في الساحة السياسية السنية، ولا سيما مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات في البلاد.

من جانبه، اعتبر حزب “تقدم” الذي يتزعمه رئيس البرلمان المقال أن قرار المحكمة الاتحادية يمثّل “خرقاً دستورياً صارخاً واستهدافاً سياسياً واضحاً”، معلناً مقاطعة جلسات ائتلاف إدارة الدولة، واستقالة ممثلي الحزب في الحكومة الاتحادية.

ووسط هذا وذاك يتوجّس العراقيون خيفةً مما تحمله إقالة الحلبوسي من صفقاتٍ قد تكون لها ارتداداتٌ سلبية على واقعِهم المتهالكِ أصلاً، علاوةً على تأثيرها على العملية الانتخابية في البلاد التي تعتليها التجاذبات السياسية والصراعات الطائفية، والتدخلات الإقليمية.