أمريكا والعودة عبر “النفط”

اشتد الصراع على النفوذ بين الولايات المتحدة وروسيا في مناطق شمال شرق سوريا بعد الإعلان عن اعتزام رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب إرسال قوات عسكرية إلى تلك المناطق لحماية آبار النفط ومنع السيطرة عليها من قبل تنظيم “داعش” أو من جهات أخرى.
ويضيف قرار ترامب بإعادة نشر جنود أمريكيين في سوريا بعد إعلانه سحب جزء من قواته المزيد من التعقيدات والتكهنات حول مستقبل مناطق شمال شرق سوريا، وما إذا كانت ستبقى تحت النفوذ الأمريكي أو الروسي في المستقبل.
وعلى الرغم من أن حماية مواقع النفط من سيطرة تنظيم “داعش” هو السبب المعلن لإرسال قوات أمريكية، إلا أن محللين اعتبروا هذه الخطوة تأتي لتصحيح خطأ الرئيس ترامب بالانسحاب الكامل من سوريا والذي عارضه شقّ كبير من القادة العسكريين والسياسيين الأمريكيين. فيما لاقت خطط الولايات المتحدة بالإبقاء على وجودها العسكري في شرق سوريا انتقادات حادة من روسيا، ووصفت وزارة الدفاع الروسية الأمر “لصوصية دولة على الساحة العالمية”.
وفي الحقيقة، يهدف ذلك القرار إلى منع تنظيم “داعش” من السيطرة على الحقول النفطية الكبرى في البلاد، التي تحميها قوات سوريا الديمقراطية (التحالف الكردي العربي). وهذه الاستراتيجية الجديدة تشكل تحولاً كاملاً للولايات المتحدة التي كانت تبرر وجودها على الأرض السورية، بمكافحة “داعش” رغم رفض الحكومة السورية.
يشكل توزع أغلب حقول النفط في شمال وشرق البلاد (في محافظتي دير الزور والحسكة)، حيث90% من الثروة النفطية، بالإضافة إلى 45% من إنتاج الغاز، عامل اهتمام للقوى الدولية بالمنطقة. ويبلغ مجموع الاحتياطي النفطي المؤكد في سوريا نحو ملياري برميل، كما يبلغ حجم إنتاجها اليومي بالطاقة النظامية /400/ ألف برميل، ولكن عملياً هذه الأرقام لا تشكل عامل جذب للولايات المتحدة.
من المؤكد، إن سلاح النفط كان وما زال عاملاً أساسياً في رسم ملامح التوازنات السياسية، فالاستراتيجية الأمريكية الجديدة في سوريا المتمثلة بحماية الحقول النفطية تدفع لشرعنة وجودها على الأرض والضغط على دمشق وموسكو لقبول إملاءاتها (كورقة للتفاوض) خلال التسوية السياسية المرتقبة للنزاع السوري.

الكاتب: اسماعيل خضر

قد يعجبك ايضا