أحوال التركية: أميركا تختار الوقوع في فخ أردوغان في إدلب

أدى تصعيد أنقرة العسكري المتعمد، الذي شهد التوغل في إدلب، وهي محافظة سورية معترف بها قانوناً، إلى تحريك عناصر مختلفة بين الأطراف الفاعلة الرئيسة المشاركة في الصراع المتفاقم.
من ناحية، تجد موسكو نفسها في مواجهة درسٍ مريرٍ مفادهُ أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليس وديعاً على النحو الذي توقعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
يجد بوتين أن انعدام الثقة التاريخي المتأصل بين تركيا وروسيا قد تأكّد مرةً أخرى.
هل سيتعين على الرجل القوي في روسيا الاختيار بين الدعم الكامل لنظام بشار الأسد، أم أنه سوف يُضطر إلى تقديم تضحيات لإقامة توازن إرهابي، ويقسم إدلب إلى جزئين – شمال وجنوب طريق إم 5 السريع – وبالتالي يسمح لأردوغان بمواصلة ما يريد؟
تتمثل المفارقة – وهذا يشمل المستنقع السوري بأكمله منذ عام 2011 – في أن الاستراتيجية الروسية مماثلة لتلك التي وضعتها الولايات المتحدة.
على واشنطن الآن أن تفهم أنه ما دامت روسيا تتلقى الدعوة في سوريا، فليس هناك طريقة حقيقية لتحدي شرعية نظام الأسد.
لا تمثل دمشق تهديداً حقيقياً لحلف الناتو ولا لجامعة الدول العربية، يبقى التهديد الحقيقي، وإن كان ضعيفاً، من “قضية” المسلحين الإسلاميين، ومع ذلك، بدلاً من تنسيق عمل حاسم ومشترك لتطهير شمال سوريا من هؤلاء المسلحين الإسلاميين، كان يُنظر إلى روج آفا أولاً ثم إدلب على أنها ساحة للتصارع بين واشنطن وموسكو.
يمكن للمرء أيضاً إضافة الاتحاد الأوروبي لهذه المعادلة.
توضح التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، والتي أعقبتها زيارة سريعة قام بها المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري إلى أنقرة، أن السياسة الدولية تطغى عليها الحماقة للأسف.
اعتمد الخطاب المذهل المؤيد لأردوغان على فرضية أن الوجود العسكري التركي على الأراضي السورية كان شرعياً، وهو موقف مثير للسخرية لا علاقة له بالقانون الدولي.
تمت الإشارة هنا إلى التحدي الذي يواجه بوتين فيما يتعلق بأردوغان، لكن قُصرَ نَظَرِ إدارة ترامب الواضح لا يمكن تصوره – باستثناء أنه ربما كان نتيجة للفوضى السائدة في واشنطن، هذا هو بالضبط الملعب الذي يفضل أردوغان أن يبقى دون تغيير.
الجزء المذهل هو أن قادة العالم الآخرين، الأكثر قوة وقدرة من أردوغان، يختارون الوقوع في هذا الفخ، فريسةً لأوهامهم