جالساً خلف نوله الخشبي، تتناوب رجلاه مع يداه، لصناعة الحطّة الخاصة بالنساء، والمعتمدةِ على خيط الحرير الذي كان يأتي من الحجاز أو بلاد الشام، يتحدث النوَّال السوري سامي النداف الملقب أبو عصام، عن كيفية تمسُّكه بمهنة النِوالة، منذ خمسةٍ وأربعين عاماً.
أباً عن جدٍّ ورث الحرفي سامي النداف المهنة، وبدأ العملَ وهو في الرابعة عشر من عمره، بحسب ما أكد، مبيناً أنه كان هناك آلافُ النوَّالة، لكن مع التقدم في التكنولوجيا وظهور الآلات الحديثة، لم يتبقَ إلا القليل ممّن تمسك بمهنته.
لا يقبل أبو عصام أن تتم المقارنة بين نوله الخشبي والأنوال الآلية من حيث الجودة، ورغم صعوبة تأمين خيط الحرير في الوقت الحالي، إلا أنه يسعى جاهداً لاستمرار الإنتاج، من اللوحات والشالات وبعض أدوات الزينة، التي توضع على الطاولة أو في بعض المقاهي.
ويتفرّد الحرفي بصناعة الحطّة الحريرية، وهي إحدى قطعِ اللباسِ الشعبي الخاصة بالرأس، والتي كانت سائدةً في فترةٍ من الفترات، فيما باتت حاليًا من الموروث الشعبي.
ولكل ريفٍ سوريٍّ زيّهُ من اللباس الخاص به، وقديماً اشتهرت حمص بالنول الحمصي وصناعة النسيج، فكانت مُعظم الأسر في المدينة والريف تمتلك نولاً، لحياكة النسيج بمختلف أنواعه، ولكل منطقةٍ نقشٌ خاصٌّ بها، سُمي على اسمها، وفقًا للحرفي.
وللحفاظ على حرفة النِّوالةِ من الاندثار، يسعى الحرفي الحمصي إلى تعليم المهنة لشبانٍ في مقتبل العمر، معبراً عن رغبته بأن تورَّثَ هذه الِحرف وهذا الفن المصنوع يدوياً للأجيال اللاحقة.
ويبقى أبو عصام بأخشاب نوله وخيطانه وتفاصيله، رسّامَ لوحاتِ الجمال التراثي الأصيل، الذي يأبى أن يندثر رغم الصعاب، تراثٌ ينقله إلى الأجيال الجديدة، عبر مشاركته بالمعارض المتعلقة بالنسيج اليدوي.