في أروقة المملكة العربية السعودية رياح التغيير عابرة

التغيير المفاجئ الذي حصل قبل أيام في المملكة العربية السعودية بإعفاء ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وتعيين محمد بن سلمان، وليّاً للعهد قد يكون كأحد أبرز الأحداث المهمّة وقعاً على الأرض السعودية خاصّة والخليجية على وجه العموم، ومحاولةً منها في ترتيب الأوراق الداخلية بالبيت السعودي الخليجي .

انعكاسات هذا التغيير قد لا تبقى قيد السور الداخلي، وإنّما ستمتد جذوره خارج حدود المملكة، وما المقاطعة السياسية والاقتصادية للجارة قطر إلّا بداية لامتداد هذا التغيير، والذي سبقه طرح الرؤية المستقبلية للمملكة لعام 2030 واعتبار الأمير الشاب عمودها الفقري في تحديد أهدافها بانفتاح المملكة العربية السعودية وتسليم الشباب مناصب حكومية.

دلائل كثيرة وهامة في التغيير يتمثّل أوّلها في الصراع اليمني حيث لعب محمد بن سلمان دوراً كبيراً في مساعدة “القوات الشرعية اليمنية” في محاربة قوات الحوثي المدعومة إيرانياً، ولما للحرب اليمنية من علاقة تكاملية بالاستقرار السعودي كان سبباً رئيسياً تحتاج إليه المملكة لمواصلة دعم اليمن، فالصراع هناك عبارة عن حرب بالوكالة بين إيران والسعودية، ومحمد بن سلمان ولي العهد الجديد هو أحد مهندسيها الذي اتخذ نهجاً صارماً ضد إيران، إذ قال في مقابلة كانت قد أجريت معه مؤخراً : “نحن هدف رئيسي للنظام الإيراني ولن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لكي تكون المعركة عندهم في إيران وليس في السعودية”.

وعمل على تعزيز وتوطيد التعاون السعودي- الإماراتي وتبيان المواقف وخاصة تحديد مستوى العلاقة مع تركيا التي تعتبر الحاضن والداعم الرئيسي للجماعات التي تعتبرها السعودية “إرهابية” ومنها “جماعة الاخوان المسلمين”، ووضع الشروط والمطالب على قطر املا منها في إعادتها إلى بيت الطاعة الخليجي.

فالسعوديون سيضاعفون من مواقفهم الصارمة والحازمة ضد إيران، وخاصةً بعد صحوةٍ عارمة من العلاقات السياسية والأمنية الوطيدة بين واشنطن والرياض على خلفية زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية، وتوقيع اتفاقيات عسكرية واقتصادية بمئات المليارات.

قد تبدو نتائج المشهد السعودي غير متكاملة في الوقت الحالي، ولكن ستبقى الآيام القادمة كفيلة بما ستؤول اليه ظروف التغيير وتحديد ماهية المتفائلين منه و المتشائمين به، ورسم خارطة واضحة تضع بين اطرها وحدودها فواصل الحسم السياسي والدبلوماسي بين المتخاصمين الإقليميين من جهة والشقيقين من جهة أخرى .

 

محي الدين المحيمد

 

قد يعجبك ايضا