القاسم المشترك بين تركيا وقطر وأُحجية الإخوان المسلمين

علي السيف

 

علاقاتٌ تاريخية تربط كلّاً من تركيا وقطر مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في عددٍ من البلدان العربية.

العلاقة بين حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه رجب طيب اردوغان، الذي يصفه أنصاره سلطان القرن /21/ بجماعة الإخوان ، هي علاقةٌ قديمة يحكمها حلمُ إحياء الخلافة الإسلامية، حيث ترجع العلاقة بين الحزب والجماعة إلى بداية عام 1927 أي بعد 3 سنواتٍ من إلغاء الخلافة العثمانية على يد كمال أتاتورك مؤسّس الجمهورية التركية، حتى جاء رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان _قدوة أردوغان_ إلى السلطة الذي يُعتبر الأب للإسلام السياسي في تركيا وتقرّبه ودعمه للجماعات الإسلامية في تركيا إلى أن وافته المنيّة.

ليأتي بعده حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان ليكمل مشوار أربكان، وحلم الخلافة المنشودة، ليستعيد أمجاد السلطنة العثمانية.

اتّضحت العلاقة المذهبية مع الجماعة جليّة بعد فوز محمد مرسي الممثّل السياسي للإخوان في مصر بالانتخابات الرئاسية ممثلا ًبتبادل زيارات قادة الجماعة بين كلا البلدين إلى أن حدث الانقلاب العسكري في 30يونيو / حزيران 2013 وإسقاط حكومة  الإخوان في مصر.

 

في حين استضافت تركيا سبعة قياديين في الجماعة، التي أعلنت  قطر عدم الرغبة بوجودهم على أراضيها مع العلم المعروف أن الدوحة تربطها علاقة وثيقة بهم، وذلك بسبب الضغط السعودي وبعض الدول المجاورة على قطر، التي تدعم بشكلٍ مباشر أو غير مباشر الإخوان واحتضانها لكثير من القيادات أبرزهم الشيخ يوسف القرضاوي ووجدي غنيم قبل أن ينتقل إلى تركيا.

تناغم وتلاطف مذهبي ومصالح مشتركة تمتّن العلاقة القطرية التركية. هذا الغزل بين الدولتين يجمعه محبوبٌ مشترك هو “الإسلام السياسي” الذي يسعى للوصول إلى السلطة بما يخدم مصالح حزب العدالة والتنمية، ويمنح تركيا نفوذاً سياسيّاً واقتصاديّاً في المنطقة لاسيّما بعد الاتّفاقات والمعاهدات في مجال الانشاءات والدفاع والطاقة.

قطر بدورها وافقت على تزويد تركيا بالغاز الطبيعي المسال خاصّةً بعد توتّر العلاقة بين تركيا وروسيا إثر إسقاط تركيا لطائرة حربية روسية2015

ليظنّ حزب أردوغان أنه يحقّق حلم استرجاع “الإمبراطورية العثمانية” والسيطرة على المنطقة من خلال الاتّفاقات المبرمة أهمّها الدفاع والطاقة الذي يُغنيها عن الاتّحاد الأوروبي.

و جاء  الدعم التركي القطري بتمكين الإخوان من الوصول لسُدّة الحكم في مصر وتونس وليبيا من خلال تشجيع  “ثورات الربيع العربي” حيث لعبت الجماعة دوراً مركزيّاً في قيادتها.

وحاولت قطر من خلال دعمها المالي والإعلامي الضخم واحتضانها للإخوان، ترك بصمةٍ على الخريطة وإخراج نفسها من قوقعتها الصغيرة جغرافيّاً وبشريّاً، لترتقي بقدراتها من أجل أن تحقّق درجةً عالية من التفوّق الإقليمي.

أما احتواء أردوغان للجماعة، حركة يظنّها “ذكيّة ” لكسب قاعدة شعبية كبيرة ليمرّر مشروعه السياسي بقلب النظام في تركيا من برلماني إلى جمهوري، ليصل إلى نظام رئاسي ليتفرّد في إصدار القرارات والأحكام.

تجلّى ذلك التوافق والتعانق المذهبي من خلال محاولة تركيا حلّ الخلاف القطري الخليجي والعربي بإرسال  وزير الخارجية  “جاويش أوغلو” الى قطر، وموافقة البرلمان التركي على  إرسال 5000 جنديٍّ تركي إلى الدوحة في أحلك الظروف التي تمرّ بها قطر.

قد يعجبك ايضا