الاتفاق النووي الإيراني بين المصالح الامريكية والاوربية

بين المصالح الاوربية والامريكية تتأرجح الاتفاق النووي الإيراني – الغربي بين الإلغاء الأمريكي والقبول الأوربي ولكل من الجانبين مبرراتهم، ويبدو أن إيران هي المستفيدة في حالتي الإلغاء والإبقاء على الاتفاق

بعد ساعات على إعلان وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، إثر اجتماع في لوكسمبورغ، من أن الاتفاق النووي أساسي لمنع انتشار الأسلحة الذرية عالمياً، وأن   « التزام الاتحاد مواصلة التطبيق الفاعل والكامل لكل بنوده».، جاء رد ترامب بالقول: «يمكن أن يكون هناك إلغاء كلّي للاتفاق، إنه احتمال فعلي». مضيفاً أن المرحلة الجديدة قد تكون «إيجابية جداً. سنرى ما سيحصل». واعتبر أن القادة الإيرانيين كانوا «مفاوضين ممتازين»، وزاد: «فاوضوا على اتفاق رائع بالنسبة إليهم، لكنه كان مريعاً بالنسبة إلى الولايات المتحدة». وكان ترامب قد أبلغ الكونغرس الأميركي في وقت سابق أن طهران لا تلتزم الاتفاق، وكلّفه معالجة «نقاط ضعف شديد» فيه، مشدداً على موقفه تجاه «الحرس الثوري» الإيراني والذي وصفه بالداعم للإرهاب.

فيما أصرّ الاتحاد الأوربي “فرنسا والمانيا وبريطانيا” الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران بالإضافة إلى الصين وروسيا وامريكا تصميمه على إنقاذه الاتفاق، داعياً الولايات المتحدة إلى أخذ مصالحه الأمنية والاقتصادية بعين الاعتبار، فيما حذرت ألمانيا من «مواجهة عسكرية» مع طهران التي حضّت الدول الست على «إلزام» واشنطن تنفيذ تعهداتها بموجب الاتفاق.

وفي بيان لوزرائها قال الاتحاد الاوربي: «وسط تهديد نووي شديد، الاتحاد الأوروبي مصمّم على حفظ (الاتفاق) بوصفه ركيزة أساسية في هيكل عدم انتشار» الأسلحة النووية، ووضع قرار ترامب «في سياق عملية داخلية في الولايات المتحدة». ولفت الوزراء إلى أن الاتفاق كان حاسماً لفتح اقتصاد إيران، البالغة قيمته 400 بليون دولار، وإيجاد سوق جديدة للمستثمرين الأوروبيين.

فيما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، فأعرب عن أمله بألا «يعرّض الكونغرس الأميركي الاتفاق لخطر»، فيما ذكّر وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن بأن الأوروبيين «قريبون جغرافياً من إيران أكثر من الولايات المتحدة»، وتابع: «نحتاج إلى الاتفاق الذي يحظّر على الإيرانيين صنع قنبلة ذرية، إنها مصلحتنا الأساسية».

 لم تبتعد لندن عن غرفة هذا الجدال، فقد أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعلنا التزام بلديهما الاتفاق النووي والعمل لتطبيقه. واستدركت أن الجانبين سيعملان معاً لـ «التصدي لنشاط إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة». وكان ماكرون دعا ترامب إلى «عدم تمزيق الاتفاق»، مشيراً إلى أنه سيزور طهران «في الوقت المناسب». وأضاف أنه اقترح على ترامب «قيادة مشتركة لحوار شاق»، وزاد: «لنكن أكثر تطلّباً مع إيران في شأن نشاطها الباليستي والصواريخ غير النووية التي تُطلقها، وفي شأن عملها في المنطقة».

إلى ذلك كانت فرنسا وبريطانيا وألمانيا قد أصدرا بياناً مشتركاً أعربا عن قلقهما من «تداعيات الغاء الاتفاق على أمن الولايات المتحدة وحلفائها». وقال وزير الخارجية الألماني زيغمارغابرييل: «نشعر نحن الأوروبيين بقلق بالغ من أن يقودنا قرار الرئيس الأميركي إلى مواجهة عسكرية مع إيران. حين نفكّر بمحاولات إيجاد حلّ متفاوض عليه مع كوريا الشمالية، ينتابنا قلق من أن التهديد بإنهاء الاتفاق مع إيران ينسف صدقية هذه الاتفاقيات الدولية».

هذا وكان وزراء الاتحاد الأوربي قد ناقشوا البرنامج الإيراني للصواريخ الباليستية الذي تشكو واشنطن منه. حيث أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني عقب الاجتماع أن الوزراء لم يناقشوا تشديد عقوبات على طهران بسبب هذا البرنامج. واعتبرت أن الاتفاق النووي «يُطبّق بنجاح، ونحتاج إليه من أجل أمننا»، وأنه حسب قولها «يضمن أن يبقى البرنامج النووي الإيراني سلمياً». وأعلنت أنها ستزور واشنطن مطلع الشهر المقبل لحضّ الكونغرس الأميركي على عدم الانسحاب من الاتفاق، وزادت: «الأمر الحاسم بالنسبة إلينا هو أخذ مصالحنا الأمنية الأوروبية بالاعتبار». ونبّهت إلى أن الانسحاب من الاتفاق «سيجعل فتح حوار أو وساطة مع كوريا الشمالية أكثر صعوبة».

الموقف الإيراني حيال هذا الاتفاق ومواقف أمريكا والاتحاد الأوربي منها جاء على لسان علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية لمرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي الذي حضّ الدول الست على «إلزام أميركا تنفيذ تعهداتها» وفق الاتفاق. واعتبر أن «إيران في عهد (خامنئي) لم تبلغ هذا المستوى من الاقتدار منذ عهد السلالة الصفوية»، وزاد: «نقلنا خطوطنا الدفاعية مئات الكيلومترات خارج إيران. ومن أجل درء خطر الكيان الصهيوني، علينا أن نكون في حديقته الخلفية وندعم سورية ولبنان وفلسطين».

قد يعجبك ايضا