خطابات الجمعية العامة للأمم المتحدة حول سوريا تكشف النوايا

بدعوة من الولايات المتحدة، عُقد اجتماع في نيويورك ضمّ وزراء من دول حليفة للدفع باتجاه التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا.

وتمحور الحديث حول الحلّ السياسي كخيارٍ وحيد للخروج من هذا المأزق، وإن كانت آلية وبنود هذا الخيار غامضة لدى كثير من المواقف الدولية.

فقد دعا وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون دول مجموعة “أصدقاء سوريا” من حلف شمال الأطلسي، ودول عربية ومشاركة وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، لاجتماع على هامش أعمال الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة المسألة السورية، وقد خرجت هذه الدول بالاتفاق على حثّ الأطراف المعنيين على التفاوض حول عملية انتقال سياسي والتشديد على عدم الاعتراف بنظام بشار الأسد “الذي فقد شرعيته، وسلطته في الحكم”.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي أول خطابٍ له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن رئيس النظام السوري بشار الأسد وإيران، قال “إن إيران عزَّزت دكتاتورية بشار الأسد”، مشددًا على أن واشنطن تسعى لعدم تصعيد الحرب في سوريا، والتوصل لحلٍّ يلبي مطالب الشعب. ووصف الرئيس الأمريكي، بشار الأسد بـ “المجرم”، الذي استخدام الأسلحة الكيماوية في بلاده، حتى ضد الأطفال.

وزير خارجية النظام السوري، وليد المعلم، بدوره صرَّح بأنه لا يرى من الضروري الرد على تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأخيرة حول سوريا.

وأضاف، “هل عليَّ أن أجيب على تصريحات ترامب التي أدلى بها في الأمم المتحدة، والتي تلقي بالذنب على دمشق باستخدام السلاح الكيميائي؟ من الغباء الرد”.

الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، دعا في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إطلاق خريطة طريق شاملة لحل الأزمة في سوريا، ماكرون صرَّح إن هناك حاجة طارئة لإنهاء معاناة الشعب السوري، مذكراً بقصة الطفلة بانة العابد، التي كانت شاهدة على مأساة مدينتها حلب وعلى أهوال الحرب.

ورأى ماكرون، أن صيغة مفاوضات أستانا قد تكون مفيدة، لكنها غير كافية وظهرت لنا صعوبات كثيرة فيها، ودعا إلى تأسيس مجموعة اتصال مع الدول الخمس المعنية والبدء في مفاوضات، لأن “الحل سيكون سياسياً وليس عسكرياً”.

وصرّح ماكرون، في تصريح صحفي بعد اختتام كلمته أن “بشار الأسد، مجرم يجب محاكمته وأن يتم استجوابه حول الجرائم التي ارتكبها أمام العدالة الدولية”، غير أن ماكرون، استدرك القول إنه، وبغرضٍ براغماتي، لن يجعل من إقالة الأسد أولوية.

وحذّرت فرنسا الاثنين من “تفكك” سوريا معلنة اجتماعا للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن هذا الأسبوع في نيويورك لمحاولة تشكيل “مجموعة اتصال” لإحياء حل سياسي للنزاع.

وفي السياق ذاته جاء الموقف المصري متناغمًا مع الموقف الفرنسي من خلال حلٍّ سياسي يتوافق عليه جميع السوريين، ويكون جوهره الحفاظ على وحدة الدولة السورية وصيانة مؤسساتها وتوسيع قاعدتها الاجتماعية والسياسة لتشمل كل أطياف المجتمع السوري، حسبما أشار الرئيس المصري في كلمته.

وحذَّر وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، أيضا من أن الأسرة الدولية لن تقوم بتمويل إعادة الإعمار حتى انتهاء القتال وبدء عملية سلام ذات مصداقية.

وقال جونسون للصحافيين “الطريق الوحيد إلى الأمام هو السير بعملية سياسية، وأن نوضِّح للروس والإيرانيين ونظام الأسد، أننا نحن مجموعة التفكير المتماثل لن ندعم إعادة بناء سوريا حتى تكون هناك عملية سياسية”.

الدوحة كانت الأكثر وضوحًا في هذه المسألة، ففي كلمة الشيخ تميم بن حمد، أمير دولة قطر، حمَّل المجتمع الدولي مسؤولية الوصول إلى هذه المرحلة نتيجة وقوفه “عاجزًا عن إيجاد حلٍّ للأزمة رغم نتائجها وتداعياتها الخطيرة على المنطقة والعالم”، معزيًا ذلك إلى أن “الجهود السياسية لا تزال متعثرة بسبب تضارب المصالح الدولية والإقليمية، هذا التضارب الذي يؤدي إلى حماية من يفترض أن نتوحد ضده”.

أما الموقف التركي فلا زال يراهن على خيار المفاوضات وضرورة تحريك مساراتها المجمدة في “جنيف” بحسب وصف أردوغان خلال كلمته، لافتاً إلى أن تفعيل هذه المفاوضات جاء بتعاون أنقرة مع إيران وروسيا عبر أستانا.

 

المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي مستورا، بدوره دعا لإطلاق عملية سياسية جديدة في سوريا مشددًا على الحاجة إلى هذه العملية خلال كلمته في الاجتماع الدولي بشأن سوريا على هامش أعمال الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، قال دي مستورا، “إن معقلي إرهابيي تنظيم “داعش” الرئيسيين في دير الزور والرقة على وشك التحرر تماماً من قبضة الإرهاب”.

وفي سياق اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عبر أنطونيو غوتيرس، الأمين العام للأمم المتحدة، عن ارتياحه للنتائج الإيجابية التي تتحقق في مجال مكافحة الإرهاب في سوريا.

غوتيرس، أشار إلى أهمية ما أنجز في اجتماع أستانا الأخير حول الاتفاق على منطقة تخفيف التوتر في إدلب، آملاً أن تسهم هذه الاتفاقات بتعبيد الطريق نحو الحوار السياسي في جنيف.

كلمات قادة العالم عن الأزمة السورية، وضرورة الحل السياسي للخروج منها كان لافتاً فيها التراجع عن استخدام كلمة “النظام السوري” أو ذكر بشار الأسد، إلا فيما يتعلق باتهام ترامب له باستخدام السلاح الكيماوي، ولعل لهذا دلالة ربما تتسق مع ما صرَّح به وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، بأن بلاده وواشنطن اتفقتا على عدم المشاركة في إعمار سوريا إلا بإزاحة الأسد من المشهد السياسي بأكمله، هذا بينما لا تزال الجهود السياسية متعثرة بسبب تضارب المصالح الدولية والإقليمية.

 

وعد محمد

قد يعجبك ايضا